2018 © - العرب برس.جميع الحقوق محفوظة.
لطالما تمرّدت إبنة كانساس على التقاليد، وتعاملت بلامبالاة مع كل ما هو عادي. كان العصيان لغة التواصل بينها وبين الآخرين. وكان المُعجبون يتدفقون من مختلف الولايات لمُشاهدتها وهي تطير في الهواء وتتألّق بالحركات البهلوانيّة بانسياب مُقلق في دقّته. وعبّروا عن إعجابهم بتلك الاقتحاميّة التي ارتدتها ثوباً يوميّاً زاهياً، بأكثر من طريقة.
وكان همّهم أن يقتربوا منها ليفهموا سرّ هذا الاعتداد بالنفس الذي جعلها تقوم بأكثر الحركات الجويّة خطورة بسهولة هادئة. وكأنها في الواقع تعوم فوق المياه أو تترنّح على خشبة مسرح السيرك الجوّال حيث أمضت معظم حياتها البالغة.
اليوم يعترف التاريخ بأهميّتها كمؤدية في السيرك الجوّال. ولكن الأهم من هذا الإنجاز، أن الاميركيّة مود فاغنر تُعتبر اليوم أول أُنثى حوّلت فن الوشم إلى فُرشاة رسم زخرفت من خلالها أجساد الآخرين وجسدها أيضاً!
وقد تكون صاحبة الروح الحرّة المولودة في العام 1877، من أكثر النساء وشماً في التاريخ.
فبالإضافة إلى نجاحها في السيرك، امتهنت فن الوشم وصار بإمكانها مع الوقت أن تُطرّز الرسوم الأكثر صعوبةً على جسدها بمفردها، ومن دون مساعدة من أحد.
كان من المُقرّر أن تمضي حياتها في السيرك، ووجدت في هذا القدر “عيشة هنيّة”. كما أن القفز في الهواء والتلوّي على إيقاع الحريّة من التفاصيل التي جعلتها سعيدة. ولكن القدر وضعها وجهاً لوجه مع رجل أكثر جنوناً منها، يُدعى غاس، مُلقّب بـ”رجل التاتو الكثير السفر”، وسُرعان ما تبدّلت حياتها إلى الأبد. أسرها غاس بجسده المُغطى بالأوشام. وعندما طلب أن يواعدها، وافقت بشرط أن يُهديها وشماً يجعل جسدها أكثر جاذبيّةً.
وبعدما أنجز وشماً على جسدها متوسلاً التقنيّة اليدويّة القديمة، وقعت في حب هذا الفن الذي لم يكن رائجاً حينها…وفي الوقت عينه وُلدت قصّة حُب بين المُتمرّدين، وسُرعان ما تزوّجا وعُرفا بالثنائي المُبدع في إنجاز الأوشام
علّمها غاس كيف تُزخرف جسدها بمفردها، وراحت تتمرّن أيضاً بزملائها في السيرك الذين وضعوا أجسادهم في تصرّف إبداعها وجنونها. كان يعشق أن يُطرّز الأوشام على جسدها بنفسه، ولكنه أصرّ أن تتعلّم كيف تكون مُستقلّة أيضاً.
وصار زوّار السيرك المُتجوّل يُعبّرون عن إعجابهم بأجساد الفنانين شبه العارية المزينة بالأوشام. وراح كُثر يطلبون منها أن تتفنّن في تعديل إطلالة أجسادهم. وعُرف عنها أنها كنت تعمل بسكينة لا علاقة لها بالجنون الإبداعي الذي كانت قادرة على خلقه. وكأنها كانت تتحوّل كائناً مسحوراً عندما كانت تعمل.
وفي حين كانت تترك الحريّة الكاملة للزبائن في ما يتعلّق بالموضوعات المعالجة على الأجساد، إلا أن الاوشام التي كانت تُنجزها على جسدها تمحورت في الدرجة الأولى على الموضوعات الوطنيّة.