2018 © - العرب برس.جميع الحقوق محفوظة.
كاظم الساهر: أنا إنسان بسيط لكني فنان صعب
ثلاثون عاماً من النجاح، كرست الفنان العراقي كاظم الساهر من أبرز الفنانين العرب الذين حملوا الفن قضية في صوتهم وفي خياراتهم. يغرد في سربه الخاص بعيداً عن السائد، إيماناً منه بأن الجمهور متعطش إلى الرقي والإحساس. هو حالة فنية فريدة، حفر اسمه بالجهد والكفاح والتحدي.
لم يتوقع الفنان كاظم الساهر أن يحقق هذا النجاح الكبير في مسيرته، رغم إحساسه العالي الذي دفعه إلى رسم رؤية فنية كان يعلم أن طريقها وعرة.
يذكر الساهر كيف أصرّ في بداية طريقه على يسلك سبيله الخاص بعيداً عن الألوان الفنية الناجحة التي كانت سائدة، ورغم نصيحة أصدقائه ومحيطه فضّل الطريق الأصعب واختار الأغنية “الصديقة” لا التجارية.
إصراره على أن يرتقي شعره وموسيقاه بمشاعر المستمع العربي وهواجسه كان أقوى من أي مساومة يمكن أن تسهّل مشواره “أنا عنيد بالفن وقلت بروح بعمل شي تاني إذا الناس ما حبت لوني… أنا محتاج إلى فن يصحّي عواطفي ويؤثر فيي”. ويتابع: “إنسانياً، أنا إنسان بسيط لكني فنان صعب ولا أستسهل في فني”.
واكب الفن طفولته، فكان يرسم ويمزج الألوان، ويصنع التماثيل ويكتب الشعر والخواطر ويلحن ويصنع ألعابه… لم يخطط لأن يصبح فناناً، لكن المصادفة شقّت طريقه وكشفت عن موهبة مميزة فكانت البداية.
لا ينكر أن المعاناة كانت كبيرة، والصعوبات، برأيه، إما تكسر الإنسان أو تصنع منه شخصية قوية قادرة على المواجهة والإصرار. لحظات الضعف في مسيرته كانت كثيرة، لكن دعم والدته كان الدافع الأكبر لاستمراره، وخصوصاً أنه ابن عائلة فقيرة من عشرة أولاد، ووالدته كانت امرأة جبارة صنعت منهم رجالاً مثقفين رغم كل الصعوبات والفقر “أشعر بأن مشكلاتنا ليست شيئاً أمام معاناة أمي وطريقها الصعبة وهي كانت المثل الأعلى في حياتي لأتخطى الصعوبات”.
سقف الأحلام كان شبه خيالي بالنسبة إليه، لكن إيمانه بموهبته حوّلت حياته محطات من التحدي تمكن من اجتيازها بنجاح. يروي حين كان في فترة التجنيد في العراق كيف توقع لنفسه أن يكون عام 1988 هو عام السعد بالنسبة إليه… الجميع سخر منه بوجود فنانين عراقيين كبار على الساحة، لكن توقعاته أصابت الهدف وحقق نجاحاً باهراً مع صدور أغنية “عبرت الشط”.
إستمرار نجاحه على مدى ثلاثين عاماً لم يكن سهلاً وخصوصاً أن شركات الإنتاج في بداياته كان تفرض عليه بعض الأغاني البسيطة، لكنه كان يطعّم ألبومه بالقصيدة الغنائية. والمفارقة أنها كانت تلقى الصدى الأكبر وكانت البدايات مع “إني خيّرتك” و”أنا وليلى” و”أشهد” و”زيديني عشقاً” ثم ألبوم “حبيبتي والمطر”… وكرّت السبحة بعدما تأكد أن اللون الغنائي الذي اختاره سيرسخ اسمه “كان عندي تحدي خلي الناس تسمع قصايد”.
لا ينسى كيف استقبلته بيروت بحب، حتى أن جغرافية لبنان أثرت في موسيقاه وشعره “صار في بهالمرحلة أغاني غزل أكتر لأن لبنان بيعطي فرح كتير”.
الفن، برأيه، لم يختلف بين الأمس واليوم، بل إن جيل اليوم لا يزال ينتظر منه القصيدة المغناة بفرح، وقد لمس هذا الأمر خلاله جولاته في العواصم العربية والعالمية المختلفة.
تجربته في برنامج The voice يعتبرها من المحطات المهمة في حياته لأنها فتحت باب التواصل بين جيلين، وهو تواصل يغني الطرفين.
وعن مصير هذه الأصوات الكبيرة التي يتم اختيارها والمراهنة عليها، لتجد نفسها في نهاية المطاف وحيدة دون أي دعم إنتاجي يفتح أمامها الطريق، رأى أن هذه الفرصة ذهبية لأن أصحاب هذه الأصوات يقفون أمام ملايين المشاهدين “نحنا كنا نوقف شهور أمام باب الإذاعة والتلفزيون نشحد إذن لتسجيل أغنيتنا… كنت نغرف بالإسمنت عن الفرص… فهيدي فرصة يجب إستغلالا بالإجتهاد”.
وهل تدرك أنك فارس أحلام النساء؟ يضحك خجلاً، “نعم أعلم”… واعترف بأن ما يساعده على تقديم أعمال عاطفية يتجاوب معها المستمع وتحرك مشاعره هو هذا الغزل الكبير والتقدير والحب.
كاظم الساهر الأب لشابين يعتبر نفسه أهم صديق لهما، ويعتبرهما الإنجاز الأجمل في حياته. أما حفيدته التي عوّضته غياب البنت التي لم ينجبها فوصفها بعبارة “البنت بتموّت ما فيني قول أكتر من هيك”…
بعد برنامج The voice يستعد لوضع صوته على أغاني ألبومه الذي اختار معظم قصائده، ومن المتوقع صدوره في الأشهر القليلة المقبلة.
أمنية كاظم الساهر الوحيدة اليوم أن ننعم بالسلام في كل أنحاء الوطن العربي، داعياً الحكام العرب إلى التنازل من أجل الوطن، وتقبل أفكار الآخر ولو اختلفت “برأيي إذا ما اخترنا حكامنا على أساس الثقافة والأدب والحكمة وليس الطائفة والدين ما رح نتقدم بحياتنا”…
وهل نحتاج إلى معجزة؟ ببساطة نحن في حاجة إلى وقفة مع الذات بضمير حي لإنقاذ شعوب تستحق الإستقرار والأمان.